اهتم الإسلام بتصحيح عقيدة المرء وتثبيت قلبه بأركان الإيمان الكامل قبل الشروع في أعمال الجوارح، فعقيدة التوحيد الخالص جاءت بها كل الرسل والأنبياء وكانت أول ما بلغوه عن رب العباد، وما كان الرسول بدعا من الرسل بل جاء ليتمم صرح النبوة وليصحح ما قد حرف من الشرائع السابقة..
مما أدى لظهور صراعات ومنافسات بين أصحاب الديانات الأخرى والمسلمين، فوجب عليهم الجهاد في سبيل الله دفاعا عن أنفسهم وإبقاء لكلمة التوحيد حتى تنتشر في الآفاق وتبقى جيلا بعد جيل، ولكن كيف يكون هذا الجهاد؟ وما شروطه؟ وكيف تربى نفسية المجاهد منذ الصغر حتى يكون جهاده لإعمار الدنيا لا لخرابها…
وأضفنا لهذا الملف تعريفا موجزا بأمثلة للمذاهب الفكرية والسلوكية عند المسلمين – كالمعتزلة والتصوف – حاولنا فيه أن نعرض لجميع الآراء بحيادية وبدون تعصب لأي منها مع ذكر ما يراه العلماء حسنا فيها وما يأخذوه على تلك الطوائف.
أنزل الله القرآن مع الروح الأمين وحيا ، ويسره بلسان سيد الخلق متلوا، وسطره في صدور العباد محفوظا، فتلاوة القرآن ميسرة على كل مسلم يطلبها من أهلها مشافهة، فيتصل السند المبارك شيخا عن شيخ حتى نصل إلى مركز الحلقة النورانية، سيد الخلق و معلم الأمم، فتفتح لنا خزائن أسراره و يفاض علينا من أنوار حكمته ببركة اتباعه والتماس أنفاسه الشريفة من الكتاب والحكمة.
فالمصحف الذي بين أيدينا الآن هو نفسه الذي جمعه الصحابة أيام خلافة أبي بكر الصديق ومن بعده ذي النورين، فهو محفوظ بحفظ الله له جيلا بعد جيل، وإلى ما شاء الله….
يد الله رسوله الكريم بمعجزات لا حصر لها، فآمن به من اهتدى قلبه، وكان له صلى الله عليه وسلم أنوار وبركات تهدي كل ناظر إليه وقلبه لا يبغض الإيمان، فيشرق قلب الكافر، ويثبت المؤمن ويزداد يقينا وجلدا أمام الابتلاءات…
كان ذلك ورسول الله بين المسلمين يجالسهم ويحدثهم ويآكلهم، أما وقد انتقل إلى جوار ربه فكيف يكون حال أصحابه بعده ؟ كيف يصبرون عنه ويطيقون الدنيا بعد أن انطفأت شمسها وذهب عبيرها، أما كان كل ذلك يكفيهم من عناء ! .. بل زاده خروج من خرجوا عن صف المسلمين، وراحوا يفصلون دينا بأهوائهم بل ويتبعون من زعموا أنهم قد خلفوا النبوة بعده، فما كان من هؤلاء العظماء إلا أن هبوا بحول الله وهمة رسوله، فانتزعوا الإسلام انتزاعا وخلصوا به من أوكار الفتنة والجهل والكبر، وسلموه لمن بعدهم دينا خالصا كما أراد الله له، فجزاهم الله عنا خير الجزاء …
يدعي الكثير من المشككين – إما عن جهل أو لهوى في نفوسهم – أن الإسلام دين ضد المرأة، وأن أحكامه تبخسها حقوقها أو تجعل للرجل سلطة مقيدة لسيعها في الحياة، والحقيقة أن الكثير يخلط بين العادات و بين الأحكام الشرعية، فإما يفرط في التزمت والمنع وخلط الأعراف بالدين، أو على النقيض تماما فيفرط في الدين بدعوى أنه رجعي عفا زمانه…
ودواء هذا وذاك هو تعلم الأحكام وفهمها في ضوء ما استنبطه الأئمة والعلماء من ربط الأدلة مع بعضها ومراعاة أهداف الشريعة وثوابتها، وعدم تفسير أدلة بمنأى عن أخرى أو الانقياد وراء الدعاوى الجوفاء المنتشرة بين الحين والآخر…
الإسلام دين سلام و تآخ بين كل البشر، ولذلك انتشر عبر السنين بين شعوب الأرض، فلم تقف اللغة أو التقاليد عائقا أمام انتشاره، مما أثار حفيظة بعض الناس فلم يجدوا سبيلا لمنع انتشاره إلا التشكيك في هذا الدين ورسوله وأحكامه، بتزييف الحقائق وتشويه صورة كثير من الرموز وعلى رأسهم سيدنا محمد و أصحابه، فأساءوا تفسير سيرهم ولبسوا الأحداث وبالغوا في الطعن بل وتكفير البعض، وروجوا للسخرية من رموز الدين وثوابته، وساعد في ذلك استدعاء بعض الآراء المتطرفة من داخل الإسلام…
ومما ساعد على انتشار هذه الشبهات في عصرنا الحاضر انحسار الثقافة الدينية لدى الكثير من الناس ، مما يجعل المسلم عرضة للتشكك في دينه، فوجب التنبيه على بعض تلك الشبهات مع ذكر ردود أهل العلم عليها.
اهتم المسلمون منذ عهد الصحابة بكتابة أحاديث رسول الله، وتابعتهم الأجيال من بعدهم فأولوا الحديث أشد الاهتمام، سواء بالتحديث عنه في مجالس العلم، أو بالتدوين أو بالتوثيق، فابتكروا علوما متعددة حتى يعرض كل حديث على سلسلة من القياسات و المحددات التي تمكننا من تصنيف كل ما وصل إلينا منسوبا للرسول أو لصحابته أو تابعيهم، وهذا يمكننا من ترتيب أولوية الأحاديث في أخذ الأحكام منها، وتحديد نوع الأحكام التي يمكن أن تستنبط من كل حديث، وما يمكن فعله حين تتعارض بعض الأحاديث، وما إلى ذلك من العلوم المتشعبة التي تبحث في أدق التفاصيل المحيطة بالحديث: رواته وصفاتهم وعلمهم وعدالتهم، نصه و مدى موافقته لغيره من النصوص، مناسبة الحديث ومكانه وزمانه. فشكل كل هذا وغيره الكثير موروثا مستقرا متراكما عبر السنين مما لا يدع مجالا للشك في صحة أو حجية أي حديث سبق و أقره العلماء.
” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” هكذا وصف رسول الله نفسه، ووعد المتخلقين بقوله “أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا”، فحثنا على كل خلق كريم: كالكرم والحياء والمروءة وحسن الجوار ، والشجاعة والصدق وغض البصر وصلة الأرحام…. وغيرها من الأخلاق الحسنة التي تتفق والفطرة السليمة ولا يختلف عليها كل عاقل، كما حذر من سيئها كالكذب والغش وفحش القول وسوء الظن، والسخرية والتجسس والغل ونقض العهد …
وما إلى ذلك من الآداب العامة التي يحسن بالصبيان والشباب التحلي بها وهم في مقتبل حياتهم، حتى يصبحوا أعضاء صالحين في أنفسهم نافعين لغيرهم ، مؤهلين لنقل ما اعتادوه من خلق حسن لأبنائهم ، فيكونوا نواة لمجتمع سليم